سورة النحل - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{وَالْخَيْلَ} يعني: وخلق الخيل، وهي اسم جنس لا واحد له من لفظه كالإبل والنساء، {وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} يعني وجعلها زينة لكم مع المنافع التي فيها.
واحتج بهذه الآية من حرم لحوم الخيل، وهو قول ابن عباس، وتلا هذه الآية، فقال: هذه للركوب وإليه ذهب الحكم، ومالك، وأبو حنيفة.
وذهب جماعة إلى إباحة لحوم الخيل، وهو قول الحسن، وشريح، وعطاء، وسعيد بن جبير، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
ومن أباحها قال: ليس المراد من الآية بيان التحليل والتحريم بل المراد منه تعريف الله عباده نعمه وتنبيههم على كمال قدرته وحكمته، واحتجوا بما أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن عمرو- هو ابن دينار- عن محمد بن علي، عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل»..
أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي، أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا الحسن بن الفرج، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا عبد الله بن عبد الكريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر: أنهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونهى عن لحوم البغال والحمير؛ روي عن المقدام بن معدي كرب عن خالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وإسناده ضعيف.
{وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} قيل: يعني ما أعد الله في الجنة لأهلها، وفي النار لأهلها، مما لم تره عين ولم تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر.
وقال قتادة يعني: السوس في النبات والدود في الفواكه.


قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} يعني: بيان طريق الهدى من الضلالة. وقيل: بيان الحق بالآيات والبراهين والقصد: الصراط المستقيم.
{وَمِنْهَا جَائِرٌ} يعني: ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج، فالقصد من السبيل: دين الإسلام، والجائر منها: اليهودية، والنصرانية، وسائر ملل الكفر.
قال جابر بن عبد الله: {قصد السبيل}: بيان الشرائع والفرائض.
وقال عبد الله بن المبارك، وسهل بن عبد الله: {قصد السبيل} السنة، {ومنها جائر} الأهواء والبدع، دليله قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل} [الأنعام- 153].
{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} نظيره قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [السجدة- 13]. قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} تشربونه، {وَمِنْهُ شَجَرٌ} أي: من ذلك الماء شرب أشجاركم، وحياة نباتكم، {فِيهِ} يعني: في الشجر، {تُسِيمُونَ} ترعون مواشيكم.


{يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ} أي: ينبت الله لكم به، يعني بالماء الذي أنزل، وقرأ أبو بكر عن عاصم {ننبت} بالنون. {الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} {وَسَخَّرَ لَكُمُ} ذلل لكم {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} مذللات، {بِأَمْرِهِ} أي: بإذنه، وقرأ حفص {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} بالرفع على الابتداء. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} {وَمَا ذَرَأَ} خلق، {لَكُمْ} لأجلكم، أي: وسخر ما خلق لأجلكم، {فِي الأرْضِ} من الدواب والأشجار والثمار وغيرها، {مُخْتَلِفًا} نصب على الحال، {أَلْوَانُهُ}.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} يعتبرون. {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} يعني: السمك، {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني: اللؤلؤ والمرجان، {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} جواري.
قال قتادة: مقبلة ومدبرة، وهو أنك ترى سفينتين إحداهما تقبل والأخرى تدبر، تجريان بريح واحدة.
وقال الحسن: {مواخر} أي: مملوءة.
وقال الفراء والأخفش: شواق تشق الماء بجناحيها.
قال مجاهد: تمخر السفن الرياح.
وأصل المخر: الرفع والشق، وفي الحديث: «إذا أراد أحدكم البول فليستمخر الريح» أي لينظر من أين مجراها وهبوبها، فليستدبرها حتى لا يرد عليه البول.
وقال أبو عبيدة: صوائخ، والمخر: صوت هبوب الريح عند شدتها.
{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} يعني: التجارة، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} إذا رأيتم صنع الله فيما سخر لكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8